لا أذكر في أي خطاب قال الديكتاتور أنه “لن يفاوض المعارضة، ولا حتى أسياد المعارضة… وإنما سيفاوض أسياد أسياد المعارضة” لا أذكر متى قال ذلك، لكني أذكر جيدا التصفيق الشديد الذي أبداه الحضور يومها… فتذكرت لحظتها من قصيدة بُزَرجُمُهْر لخليل مطران الأبيات التالية التي بنظري توصِّف المشهد بدقة:
يُبْدُونَ بِشْراً وَالنَّفوسُ كَظِيمَةٌ — يُجْفِلْنَ بَيْنَ ضُلُوعِهِمْ إِجْفَالاَ
تَجْلُو أَسِرَّتَهُمْ بُرُوقُ مَسَرَّةٍ — وَقُلُوبُهُمْ تَدْمَى بِهِنَّ نِصَالاَ
وَإِذَا سَمِعْتَ صِيَاحَهُمْ وَدَوِيَّهُمْ — لَمْ تَدْرِهِ فَرَحاً وَلاَ إِعْوَالاَ
على كل حال…
صدر القرار 2254 UNSC في 18 كانون الأول/نوفمبر عام 2015 عن مجلس الأمن بالإجماع، ويطالب أطراف النزاع بوقف إطلاق النار، ويحدد إطارا لتحقيق الانتقال السياسي. ويذكِّر بقرارات سابقة ذات صلة بالشأن السوري لا سيما قرار 2118 UNSC الصادر في 27 أيلول/سبتمبر 2013.
صدر القرار نهاية عام 2015، ومن ذلك الحين، يطالب جميع المعارضين والمعارضات للديكتاتورية في سوريا كلما سنحت لهم الفرصة وفي كل مناسبة تطبيق القرار 2254 والدخول في مفاوضات جديّة لتحقيقه بشكل هادئ ومنتظم. فيما لم تتوانَ السلطة السورية، على مدى السنوات التسعة الماضية، من التأجيل والمماطلة والرغو والمكابرة والمزاودة على نمط الخطاب آنف الذكر. تسع سنوات فيما ملايين السوريين ما بين لاجئ ونازح ومهجر ومشرد ومخططف ومعذب ومغيب قصريا.
لم تكن السلطة السورية راغبة بالانتقال السياسي عام 2011 ولم تكن راغبة بالانتقال السياسي عام 2015 وما زالت غير راغبة بالانتقال السياسي.
واليوم يعود الأطفال الذين هُجِّروا من مدنِهم وقُراهم آنذاك، ما إن اشتد عودهم، ليفرضوا على الديكتاتور التهافت نحو قَشّة القرار UNSC 2254.
لكن بعد ماذا؟