The rebuilding of The Tower of Babel by Stable-Diffusion inspired by Pieter Bruegel the Elder

هل هذه بداية الفصل الأخير من قصة برج بابل؟

قصة برج بابل

تقول قصة برج بابل في الثقافة الغربية في إحدى تفسيراتها، أن الإنسان شرع في بناء برج شاهق العلوّ يصل السماوات في مدينة بابل التاريخية. فعاقبته السماء على تعجرفه وطموحه غير المحدود بهدم البرج قبل اكتماله وبشرذمة اللغات والشعوب، كي لا يتسطيع البشر العمل سوية لتحدّ الطبيعة من جديد ولتذكيرهم بمكانتهم وضرورة وضع حدود لطموحهم وعجرفتهم.

منذ عقود، ودون كلل، يحاول العلماء والعالمات، وكأنهم يُسِرّون غضباً عارماً من مآلات قصة برج بابل، فهم لغز اللغات وتشعباتها، ويعملون بشكل متواصل على ابتكار أدوات تجعل حلم الترجمة الفورية بين اللغات على اختلافها واقعا. حتى حملت السنوات الأخيرة نجاحات باهرة في هذا الصدد. حيث أصبحت الترجمة الآلية للنصوص المكتوبة بين اللغات الأساسية أمرا معتادا.

هل أصبح الحلم في متناول اليد؟

من بين المشاريع الجديدة التي تقوم بمعاينتها خلال عملي، المشاريع مفتوحة المصدر والتي تعتمد تقنيات الذكاء الصنعي لاسيما في مجال فهم اللغة والترجمة مثل مشروع whisper من شركة OpenAI صاحبة مشروع ChatGPT الشهير.

في الشهور القليلة الماضية قامت شركة Meta (فيسبوك سابقا) بفتح مصدر عدد من مشاريع الذكاء الصنعي الخاصة بها ونشرها على موقع Github في عدة خطوات أدت إلى زعزعة سوق الذكاء الصنعي والضغط على الشركات العاملة في هذا المجال وأدت بالنتيجة وبسرعة كبيرة إلى إضافة بعض الديمقراطية إلى سوق الذكاء الصنعي. وهو موضوع منشور طويل ربما نهاية الأسبوع القادم.

منذ يومين أضافت Meta مشروعا جديدا إلى اللائحة. هذا المشروع يتيح تحويل الصوت إلى نص speech-to-text، والنص إلى صوت text-to-speech. والمميز في مشروع الـ Massively Multilingual Speech الجديد أنه يدعم نحو 1100 لغة مختلفة، بالمقارنة مع الاصدار السابق الذي يدعم حوالي 60 لغة. ينافس هذا المشروع مشروع whisper بشكل مباشر ويهدد مكانة شركة OpenAI في السوق في هذا المجال.

هل تشير هذه الشهور إلى بداية الفصل الأخير من قصة برج بابل؟ وهل ستتغير عبرة تلك القصة؟ أم سيكون الدمار مصير الإنسان ذو الطموح غير المحدود من جديد؟

الآثار المتوقعة لهذه التقنية على سوق العمل

حاولت في منشور سابق تلخيص الآثار المتوقعة لتقنيات الذكاء الصنعي على سوق العمل معتمدا على عدد من أوراق البحث العلمية المدققة، التي اعتمد عدد منها على استخدام مصطلح انكشاف المهنة على تقنيات الذكاء الصنعي كي لا نقع في نقاش إن كانت التقنية ستلغي المهنة أم ستغنيها. ولجعل تقدير الانكشاف أكثر موضوعية ركزت الأبحاث على دراسة انكشاف المهمات المختلفة ضمن المهن على اعتبار أن أي مهنة تتضمن مهمات مختلفة بنسب مختلفة.

من الواضح انكشاف مهام مختلفة على هذه التقنية مثلا:

  • الترجمة الفورية
  • ترجمة النصوص
  • كتابة محاضر الاجتماعات
  • تحول الكلام إلى نص
  • قراءة النصوص المكتوبة

وجميعها مهام أساسية في عدد كبير من المهن.

فإذا نظرنا إلى التطور الحاصل في مجالات موازية وأخذنا بعين الاعتبار أن الأدوات اللازمة لأداء المهام أعلاه موجودة ومتوفرة في السوق للغات العالم الأساسية، كالانجليزية والاسبانية والصينية والعربية (الفصحى) والفرنسية والألمانية، فيمكننا أن نستنتج أن السوق جاهز لتبني هذه التقنيات لألف لغة جديدة. ما يعني أن مجموعة كبيرة ممكن احترفوا هذه المهن سيتعرضون لضغوط السوق وحسب وجهة نظري سيخسر عدد كبير قدرتهم على المنافسة في السوق.

مراجع:

تم توليد الصورة باستخدام خدمة Stable-Diffusion مع التعليمة التالية:
“Many large cranes and construction vehicles in a large construction site around the Tower of Babel in the style of Pieter Bruegel the Elder”